يمر بالإنسان شعور وإحساس غريب يجذبه نحو مايحب وهذا الشعور يرتبط بشيء في الذاكرة فأحيانًا يرى المرء صورةً ترجع به للوراء لسنين طويلة وأحيانًا موقف يذكره بموقف مماثل أو مقارب يسبح بخياله في الذكرى وأحيانًا يقف على الأطلال فينتابه شعور غريب تختلط فيه الذكرى مع الشوق والحنين غير أن الشعراء هم من يستطيعون ترجمة مثل هذه المشاعر والأحاسيس فقد طرق الشعراء أبوابًا كثيره فمنهم من هيجه الوقوف على الأطلال أو الحنين للأوطان أو الشوق للمحبين أو غير ذلك من أغراض وبواعث الشعر الاخرى.
ومن أعجب ماقرات أو سمعت أن يكون الباعث لشاعر (نوح حمامة)
فما هو السر في هذه المخلوقة الضعيفة حتى ينقسم الشعراء إلى مؤيدين لها أو مناوئين لهذه الحمائم إنهم يدركون حالات ومظاهر عجيبة تفوق غيرهم وقد تندهش لكثرة الأشعار التي تتحدث عنها من منا أنصت لحمامة تبكي أو تترنم وهل الحمامة فعلًا تبكي لأنها فقدة إلفها أم أنها تغني طربا وتغرد بالالحان لقد أستجاب الشعراء لنواحها وشاركوها فيه بعالمهم الواسع وأمنياتهم فهذا أبو العلاء يقول:
أبكتْ تلكم الحمامة أم غنت* * *على فرع غصنها الميادِ
وهذا أبو فراس الحمداني وقد وقع في الأسر لدى الروم وعلى عظم مأساته يضحك متحليا بالصبر وإذا بالحمامة الطليقة تبكي وتنوح فهو يرى أنه أولى منها بالبكاء لكن دمعة في الحوادث صعب ولا يذرف بسهولة فيقول:
أقول وقد ناحت بقربي حمامةً***أيا جارتي هل تشعرين بحالي
معاذ الهوى ماذقت طارقة النوى***ولا خطرت منك الهموم ببالِ
تعالي تري روحًا لدي ضعيفةً ***تردد في جسم يعذب بالِ
أيضحك مأسور وتبكي طليقةٌ***ويسكت محزون ويندب سالِ
لقد كنت أولى منك بالدمع مقلةً***ولكن دمعي في الحوادث غالِ
وهذا عنتره بن شداد أحد أشهر فرسان العرب في الجاهلية ومن أشدهم بأسًا ينشد أبياتً في غاية الرقة فيقول:
ياطائر الباني قد هيجت أشجاني ***وزدتني طربًا ياطائر البانِ
أن كنت تندب إلفًا قد فجعت به ***فقد شجكاك الذي بالبين أشجاني
ويقول البارودي:
ألا ياحمام الأيك إلفكِ حاضرٌ***وغصنك مياد ففيمَ تنوح
ويقول (البندبيجي): وقد مر يومً بباب الطاق في بغداد وبه سوق الطير فسمع صوت قمريه وهي تهتف في قفصها فبكى فقال للبائع أتبيع هذه
قال نعم
قال: بكم قال البائع بعشرة دراهم فعدها له ثم فتح القفص فأطلقها وأنشد يقول:
ناحت مطوقة بباب الطاقِ***فخرت سوابق دمعي المهراقِ
حنت إلى أرض الحجاز بحرقة***تشجي فؤاد الهائم المشتاقِ
أن الحمائم لم تزل بحنينها***قدما تبكي أعين العشاق
إني سمعت حنينها فبتعتها***وعلى الحمامة جدت بالإطلاقِ
بي مثل مابكِ ياحمامة***فاسألي من فك أسركِ أن يفك وثاقي
هذا الشاعر عبيد الرشيد في قصيدة غزلية يصف فيها تأثير صوت الحمام عليه
ناح الحمام بعاليات المقاصير***وهل الهوى طربين مايسمعونه
ذكرتني يالورق لاذكرك خير*** غرو كما لدن المطارق قرونه
ويقول محسن الهزاني:
ناح الحمام وقلت لحول مكنون***وأهل الدمع ساعه له اوحيت
حج الحجيج وكلهم له يلبون***وأنا بدار أمورد الخد لبيت
وفي الأدب العربي الكثير من هذه النماذج وبعد هذا كله أختم بقول الشربيني في شرح مقامات الحريري ولم تزل العرب تستحسن تسجيع الحمام وقد ذكرت من رقته مايبعث التذكر ويولد الشجون ويهيج الأسى ويجدد رقت القلب حتى يجعل البكاء فرضًا معها والتصابي لازم لأجلها أنتهى وفي الحقيقه أن المحزون يهيجه أشياء كثيره فصوت الحادي له تأثير والطبيعة الخلابة تطرب الإنسان وإطلاق النظر أو أطلاله من موقع مرتفع (المرقاب) ايضًا له تأثير ولكن ذكرت هذه النماذج لغرابتها ورقتها مع اختلاف العصور والأزمنة.
- 25/04/2024 صدور موافقة خادم الحرمين الشريفين على منح وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الثالثة لـ 200 متبرع ومتبرعة بالأعضاء
- 25/04/2024 أمانة منطقة الرياض تشارك ضمن وفد المملكة في مؤتمر الطاقة العالمي 26 في هولندا
- 25/04/2024 استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة من يوم غدٍ الخميس حتى الثلاثاء المقبل
- 24/04/2024 بيان من الديوان الملكي: غادر خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة بعد أن استكمل الفحوصات الروتينية
- 24/04/2024 آل أبار يستقبلون المواسين في وفاة فقيدهم الدكتور عبدالعزيز أبار
- 24/04/2024 الأمير فهد بن سلطان يتسلم شهادة اعتماد تبوك مدينة صحية من وزير الصحة
- 24/04/2024 أمير المنطقة الشرقية يرعى افتتاح تطوير وتوسعة مطار الأحساء الدولي
- 24/04/2024 سماحة المفتي يستقبل رئيس الشؤون الدينية للمسجد الحرام والمسجد النبوي
- 24/04/2024 “تجارة الباحة” تُنفِّذ 632 جولة رقابية على الأسواق والمراكز التجارية بالمنطقة
- 24/04/2024 اقبال مستمر لمهرجان محمية الملك سلمان بن عبدالعزيز الملكية بالقريات
المقالات > من بواعث الشعر
✍️ - إبراهيم مفرج آل هدران
من بواعث الشعر
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.albayannews.net/articles/141988/