جنة الدنيا هي الأم تلك المرأة الحنون الرؤوفة والقلب ألمكنون بالعاطفة وألمملوء بالتضحيات والفداء الذي لا يخفى على كائن بوجه الأرض ، لكن وما أصعبها حين ياتي ما بعدها مؤلم وقاهر ومرهق للروح وأنا واثقة أن من ذاق مرارة فراق الأم ورحيلها الأبدي وصل مباشرة إلى مقصودي فيما بعد لكن ..
كم من أمٍ رحلت وتركت أكوام من ألحزن وأطلال من الشوق لأبنائها ومن أحبها بصدق ، وما أثقل الحنين إلى الأم في لحظات تجتمع فيها قسوة الحياة وحكمة الأقدار وكَبَد الظروف وما يهون كل ذلك إلا الإيمان بالقضاء والقدر وأن كل نفس ذائقة الموت _ وإنا إنّا لله وإنّا إليه راجعون .
الحياة لا تتوقف أبدًا تمضي بأيامها وسنونها وفصولها وأفراحها وأتراحها ولله ألحمد لكل صابرٍ راضٍ تعوض بما عند الله وإن كان لا أحد يملأ مكان أحد خاصة الأم ، ورحلتي أليوم في هذا العوض هي الأخت التي تحل محل الأم مع التنوية أنها ليس كل اخت تستطيع ذلك أو حتى تريد ذلك لأن هذة النعمة تحتاج قلب كبير وصدر واسع وفهماً وإدراك وفكرا وحكمة بالغة .
مهمة ليست بالسهلة وليست بالصعبة أيضا ولكي تسير هذة العلاقة بمفهومها القوي على الجميع أن يحملون في قلوبهم الإحترام التام والتقدير والمشورة وتبادل ألآراء والأخذ والعطاء والإستماع والإنصات وحل المشكلات والوضوح والقناعة التي ينبعث منها الصدق والدوام بمعنى لا يتغير مع الزمن .
حقيقة في جوبعتي كلام عن بعض الأخوة المتخاصمين خاصة الأخوة من الرجال حين يفجرون في مخاصمة أخواتهم وقهرن بتصرفات يشيب منها الرأس فترى بعضهم يخاصم أخته حقدا وحسدا دون أي سبب فقط لأن حالها المعيشي مع زوجها أفضل منه والطامة الكبرى حين تؤيده زوجته في هذا التصرف ألمخزي ، والبعض الأخر يخاصم لسوء تفاهم بسيط جدا وكأنه ينتظر فرصة ليكشر عن أنيابه ويظهر غيضه وغيرته من أخته ويعاملها وكأنها أجرمت إجراما تستحق الغلظة والإحتقار في معاملته لها ، ومنهم من يجلد أخواته بجلاد الكلام القاسي والشك المريض والظنون الواهمة فتارة يخاصمهن خصام فاجر وتارة يعاملهن معاملة الخدم خاصة ذاك الذي يملك سلطة على أهل أسرته وأهله ، وما هم إلا جهلة وطغاة مصابون بجنون العظمة والعقول ألمريضة وليس لهم إلا الدعاء بأن يشفيهم الله ويبدل أحوالهم وينقي أفكارهم وهو على كل شيء قدير .
الأخت الطيبة المتواضعة والتي تملك جودة الإحتواء والإهتمام كنز ثمين ورزق عظيم من الله هي السكون في زحمة الآهات ، والهدوء في موج الصراعات، والطمانينة في حلكة الظلام ، وروحا تنثر السلام ، وعبق ورد يصفو على الروح البهجة والإنسجام .
أستوصوا بأخواتكم خيرا رفقا بهنّ وبضعفهن أنظروا إليهن بعين الإعتزاز ، أعتذروا وقت الإعتذار واشكرا وقت الرعاية والتضحيات وأعلموا أن وقت الدنيا قصير جدا لا يتحمل إلا الحب والود والوئام ..
دمتم بطيبة قلب .